الشره المرضي: عندما تتحول الشهية إلى خطر، الأسباب والعلاج
تناول الطعام متعة لا خلاف عليها، ولكن عندما تتحول هذه المتعة إلى دوامة من الإفراط في الأكل ثم التخلص منه قسريًا، فهنا ندخل في نطاق اضطراب خطير يعرف بالشره المرضي العصبي (Bulimia Nervosa). هذا الاضطراب لا يتعلق فقط بالطعام، بل هو مشكلة نفسية معقدة يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة إذا لم تُعالج. في هذا المقال، سنتعرف على أسبابه، أعراضه، وطرق علاجه.
ما هو الشره المرضي العصبي؟
الشره المرضي هو اضطراب غذائي يتميز بنوبات من الإفراط في تناول الطعام، يليها سلوكيات تعويضية غير صحية مثل التقيؤ المتعمد، استخدام الملينات، الصيام القسري، أو الإفراط في ممارسة التمارين الرياضية. على عكس فقدان الشهية العصبي، فإن المصاب بالشره المرضي لا يفقد وزنه بشكل ملحوظ، لكنه يعاني من شعور دائم بالذنب والخجل من عاداته الغذائية.
الأسباب المحتملة للشره المرضي
🔍 لا يوجد سبب واحد لهذا الاضطراب، ولكنه عادة ما يكون نتيجة لعوامل نفسية، بيولوجية، واجتماعية متداخلة:
-
العوامل النفسية:
- القلق والاكتئاب.
- تدني تقدير الذات والخوف من زيادة الوزن.
- محاولات السيطرة على التوتر من خلال الطعام.
-
العوامل الاجتماعية:
- التأثير الكبير لمعايير الجمال التي تروجها وسائل الإعلام.
- الضغوط العائلية أو المجتمعية للحفاظ على جسم نحيف.
- التعرض للتنمر بسبب الوزن أو الشكل الخارجي.
-
العوامل البيولوجية:
- عدم توازن بعض المواد الكيميائية في الدماغ مثل السيروتونين.
- تاريخ عائلي للإصابة باضطرابات الأكل.
أعراض الشره المرضي العصبي
❗ من الصعب اكتشاف هذا الاضطراب لأن المصاب به غالبًا ما يخفي سلوكياته. ولكن هناك بعض العلامات التي قد تساعد في التعرف عليه:
1️⃣ الأعراض السلوكية
- نوبات متكررة من تناول كميات كبيرة من الطعام في وقت قصير.
- الشعور بفقدان السيطرة أثناء الأكل.
- القيام بسلوكيات تعويضية بعد الأكل مثل التقيؤ أو استخدام الملينات.
- الإفراط في ممارسة الرياضة بعد تناول الطعام.
- تناول الطعام سرًا أو إخفاء كميات كبيرة منه.
2️⃣ الأعراض الجسدية
- تقرحات في الفم أو الحلق بسبب التقيؤ المتكرر.
- انتفاخ الوجه بسبب تضخم الغدد اللعابية.
- اضطرابات في الجهاز الهضمي مثل الإمساك أو الإسهال.
- ضعف الأسنان وتسوسها بسبب الأحماض الناتجة عن القيء المستمر.
- الشعور الدائم بالتعب والإرهاق.
3️⃣ الأعراض النفسية
- الشعور بالذنب والخجل بعد الأكل.
- تقلبات مزاجية حادة.
- خوف شديد من زيادة الوزن رغم أن الوزن قد يكون طبيعيًا.
- التفكير المفرط في الطعام والسعرات الحرارية.
المضاعفات الصحية الخطيرة
⚠️ إذا لم يُعالج الشره المرضي، فقد يؤدي إلى مشكلات صحية خطيرة، منها:
❌ مشاكل الجهاز الهضمي: تهيج المعدة، ارتجاع المريء، والقرح المعدية.
❌ مشاكل قلبية: عدم انتظام ضربات القلب بسبب نقص البوتاسيوم والجفاف.
❌ مشاكل في الأسنان: تآكل المينا وضعف الأسنان بسبب الأحماض.
❌ اضطرابات هرمونية: اضطرابات في الدورة الشهرية لدى النساء.
❌ الاكتئاب والقلق: مما قد يؤدي إلى العزلة الاجتماعية أو حتى التفكير في الانتحار.
كيف يمكن علاج الشره المرضي؟
العلاج يحتاج إلى مزيج من الجوانب النفسية والطبية والتغذوية لاستعادة العلاقة الصحية مع الطعام والجسم.
1️⃣ العلاج النفسي 🧠
- العلاج السلوكي المعرفي (CBT): يساعد في تغيير أنماط التفكير السلبية المرتبطة بالطعام والجسم.
- العلاج الجماعي: يوفر بيئة داعمة لمشاركة التجارب مع الآخرين.
- العلاج العائلي: يساعد في تحسين العلاقات العائلية التي قد تكون سببًا في المشكلة.
2️⃣ العلاج الغذائي 🥗
- تصميم خطة غذائية متوازنة لتقليل نوبات الإفراط في الأكل.
- تعليم المريض كيفية تناول الطعام بدون خوف أو شعور بالذنب.
- تصحيح العادات الغذائية الخاطئة والتخلص من السلوكيات التعويضية الضارة.
3️⃣ العلاج الطبي 💊
- في بعض الحالات، قد تُستخدم أدوية مثل مضادات الاكتئاب للمساعدة في تقليل نوبات الشره المرضي.
- علاج المشكلات الصحية الناتجة عن التقيؤ المستمر مثل الجفاف أو نقص المعادن.
- مراقبة مستويات الإلكتروليتات في الجسم لتجنب المضاعفات القلبية.
كيف يمكن مساعدة شخص يعاني من الشره المرضي؟
❤️ إذا كنت تعرف شخصًا يعاني من هذا الاضطراب، إليك بعض الطرق لدعمه:
✅ كن داعمًا دون إصدار أحكام: لا تقل له "فقط توقف عن الأكل بهذه الطريقة"، فهذا لن يساعد.
✅ استمع إليه وتعاطف مع مشاعره: فقد يكون يشعر بالذنب والخجل.
✅ شجعه على طلب المساعدة: العلاج ضروري جدًا، ويمكنك مساعدته في البحث عن مختصين.
✅ تجنب التعليقات السلبية عن وزنه أو طعامه: لأنها قد تزيد من المشكلة بدلاً من حلها.
الخلاصة
الشره المرضي العصبي ليس مجرد مشكلة في الأكل، بل هو اضطراب نفسي يتطلب علاجًا جادًا. التوعية بهذا الاضطراب أمر في غاية الأهمية، لأن المصابين به غالبًا ما يخفون أعراضهم ويعانون في صمت. إذا كنت تعاني من هذه المشكلة، أو تعرف شخصًا يعاني منها، فلا تتردد في طلب المساعدة. التغيير ممكن، والحياة الصحية والسعيدة تستحق المحاولة! 💪😊